حكم وعواقب اتهام الناس بالباطل

29 يناير 2024
اتهام الناس بالباطل

حكم وعواقب اتهام الناس بالباطل ، الظلم في الإسلام يعد من المواضيع ذات أهمية بالغة ولها حيزًا كبيرًا في مصادر التشريع الإسلامي القرآن والسنة النبوية، فالظلم بجميع صوره وأشكاله من الأمور المحرمة، ولا يقف تحريم الإسلام للظلم عند تحريم ظلم الإنسان لنفسه، بل يتعداه إلى تحريم ظلم الآخرين ممن ليسوا على دين الإسلامي كالذمي والكافر، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا مَن ظلمَ مُعاهداً، أوِ انتقصَهُ، أو كلَّفَهُ فوقَ طاقتِهِ، أو أخذَ منهُ شيئاً بغَيرِ طيبِ نفسٍ، فأَنا حَجيجُهُ يومَ القيامةِ”.

وهناك حكمة عظيمة تظهر في تحريم الإسلام للظلم وفي التعاليم التي دعا إليها الإسلام، وذلك لمدى خطورة الظلم على جميع شتى جوانب الحياة، وتأثيره الشديد عندما يقع على جميع البشر والكائنات، كما أنه قد يخلق الفوضى في المجتمع ويزرع المشاحنات والحسد بين الأفراد، كما يفضي الظلم لخراب العمران والمنازل، ويؤدي الظلم أيضًا لعرقلة التقدم والتطور في المجتمعات التي ينتشر فيها، ويهوي بالمجتمع لظلمات التخلف والانحطاط.

معنى اتهام الناس بالباطل

  • الاتهام في اللغة اسم يقال اتهم ويتهم اتهامًا فهو متهم، والمفعول به: متهم، ويقال: اتهم الشخص أي عزا إله فعلاً أو قولاً من غير تيقن، واتهمه ظلمًا دون وجه حق، واتهمه في قوله أي شك في صدقه بأمر معين.
  • التهمة في الاصطلاح الشرعي هي أن يُدّعى فعل محرّمٍ على المطلوب، يوجب عقوبةٌ، مثل: القتل، أو قطع الطريق، أو السرقة أو غير ذلك من العدوان الذي تعذر إقامة البيّنة عليه، فيكون الاتّهام ادّعاء فعلاً منهياً عنه، دون إقامة البينة على ذلك غالباً.
  • الباطل في اللغة له عدّة معانٍ؛ فقد يأتي بمعنى ما لا ثبات له عند الفحص، أو بمعنى اللغو والعبث.
  • اتهام الناس بالباطل أو البهتان: هو وصف الإنسان لغيره بما ليس فيه، سواء كان ذلك الوصف في غيبته أو في وجوده.

حكم اتهام الناس بالباطل

أجمع الفقهاء بالقول على أنه من الأمور التي لا تجوز والمحرمة شرعا هي إساءة الظن بالمسلم، واستندوا لقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثم”، والأعظم من إساءة الظن بالمسلم هو أن يبهته أي يقوم باتهامه بما لم يفعل، حيث قال الله تعالى: “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا”، فلا يحلّ لأحدٍ أن يبهت أخاه المسلم مهما كانت الذريعة التي يتذرّع بها، وعلى من وقع في ذلك أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى، ويعزم على عدم العودة لذات الفعل.

ضوابط الحكم على الناس

وهناك عدة ضوابط للحكم على الناس الغير محرم وهي:

  • لا يقوم بالحكم على الناس إلا العالم والخبير بأحوال الناس والمطلع على أحوالهم وعلى علم بحقائقهم، فالكلام دون علم عن الآخرين بمثابة ظلم عظيم ويؤدي إلى الوقوع بالمعصية.
  • لا ينبغي أن يحكم أحد على الآخرين إلا من كان عالمًا بطرائق النقد التي يقصد منها تصحيح الخلل وليس مجرد إلقاء التهم.
  • محاكمة الناس وفقًا لما جاء في كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وليس على أهواء الناس وما يتوافق مع طوائفهم ومناهجهم ففي ذلك ظلمٌ وإثم.
  • وجوب التجرّد لله -تعالى- في الأقوال والأعمال.
  • وجوب العدل والإنصاف بالقول والعمل، فلا يلجأ أحدٌ إلى اتهام الآخرين إلّا إن كان لديه بيّنةٌ تقطع الشكّ باليقين. 
  • لا يوجد عصمةٌ لأحدٍ بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
  • يجن أن يكون الحكم على الناس بالظاهر وليس بالظّن.
  • لا يعدّ كلّ النقد مقبولاً.
  • إنّ الأصل في الناس العدالة والصدق. 
  • وجوب التثبّت وعدم التسرّع في الحكم على الآخرين.
  • التأكّد من وجود البرهان الثابت على صدق الكلام. 
  • نهى الإسلام عن التجسّس والتحسّس.
  • عدم الحكم بلازم القول أو الفعل.
  • عدم الحكم بالمحتمل.
  • مراعاة المصلحة أو المفسدة المترتّبة.

أسباب الوقوع في الافتراء

إنّ وقوع الإنسان في الافتراء، والبهتان، واتهام الناس بالباطل يكون بسبب عدّة أمورٍ؛ منها..

  • – الاختلاف والتفرّق والتحزّب؛ فالتفرق والاختلاف والتحزّب يدفع الشخص إلى الافتراء على الآخرين واتهامهم بالباطل، بل وقد يصل الأمر به كما حصل في الأمم الماضية من الافتراء على الله، حيث قال الله تعالى: “كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ”.
  • التعصّب و التقليد الأعمى؛ فهذه الأمور لها دورٌ كبيرٌ في اتهام الناس باطلاً، والافتراء عليهم.
  • الكِبر، والحسد، والحقد، والكراهية؛ ممّا يؤدّي إلى خروج الإنسان من الألفة مع غيره إلى الفرقة والاختلاف.
  • كثرة الكلام بلا فائدة؛ لما فيه من الكذب، والغيبة، والنميمة، والبهتان، وشهادة الزور، وقذف المحصن، والافتراء على الله تعالى.
  • استمراء الكذب، والغيبة والنميمة، والتلذّذ فيهما.