حق الحياة في الإسلام

29 يناير 2024
حق الحياة في الإسلام

حق الحياة في الإسلام ، من رحمة وكرم الله سبحانه وتعالى على الإنسان أنه أنعم عليه بالعديد والكثير من النعم وأعطاه الكثير من الحقوق والواجبات لكي يحكم الإنسان حياته ويرتقي بها، كما ميز الإنسان عن باقي المخلوقات.

حق الحياة في الإسلام

ويعد حق الحياة هو الأساس الذي تبنى عليه باقي الحقوق، ويشير إلى أن الشريعة الإسلامية كفلت حق الحياة لجميع من هم على وجه الأرض بشرًا كانوا أم غير ذلك، فلا يجوز الاعتداء على أي مخلوق إلا بوجه شرعي، كما فرضت الشريعة الإسلامية العديد من الأحكام من أجل الحفاظ على ذلك الحق، كما سنت العديد من العقوبات لكي من يتعدى على ذلك الحق.

مظاهر حق الحياة في الإسلام وأحكامه

تتنوع أشكال ومظاهر حفظ الإسلام لحق الحياة لجميع المخلوقات التي خلقها الله على وجه الأرض، وتلك المظاهر تتميز وتبرز بصورة أوضح للناظر الأحكام العملية التي شرعتها الديانة الإسلامية على معتنقيها، كما تبرز أيضًا في حال كانت تتعلق بالإنسان في جميع أحواله وهيئاته؛ مسلمًا كان أم كافرًا، أبيضًا كان أم أسود، عربياً أم عجمياً، فلا يوجد في هذا الحق فرق بين إنسانٍ وآخر إلّا ضمن أسس وضوابط حددها الإسلام ونظمها وفق قواعد دقيقة، كما أن الجنين في بطن أمه حفظ الله له الحق في الحياة، فمنع الاعتداء عليه بما يؤدي إلى مجرد إلحاق الضرر به أو بأمّه، وفيما يلي بيان أهم تلك المظاهر في الإسلام.

منع الاعتداء على الجنين

أجمع فقهاء وعلماء الأمة على تحريم إجهاض الجنين الذي يبلغ عمره مقدارًا محددًا وهو في بطن أمه، أي ما بعد نفخ الروح فيه، فلا يجوز الاعتداء على الجنين بالتخلص منه أو إزهاق روحه في هذه المرحلة أو إسقاطه مدام الجنين قد تشكل في رحم الأم ونفخت فيه الروح، فالإسلام قد كفل له حق الحياة والبقاء ومنع الاعتداء عليه سوى في حالة واحدة هي أن تتعرض الأم لخطر محقق نتيجة الحمل أو إصابتها بخطر طارئ كأن تتعرض لحادثأوتقع وتصاب بإصابة يهدد حياتها وحياة جنينها، وفي هذه الحالات يجوز الاستغناء عن الجنين من أجل الإبقاء على حياة الأم التي هي الأصل، أو فيحالة أن يكون لدى الأم مرض خطير يمنعها من أن تواصل حملها، فحملها في حال استمراره سوف يعضها لخطر محقق، كذلك يجوز التخلص من الجنين وإسقاطه في هذه الحالة وذلك بناءًا على تقدير الطبيب المسلم، ومن الأمراض الخطرة التي تهدد حياة الأم والجنين بأن تكون الأم مصابة بالسرطان أو بأمراض القلب أو الأمراض المتعلقة بالرحم؛ فيكون السعي إلى الإبقاء على حياة الأم أولى من الإبقاء على حياة الجنين، أمّا إذا استطاع الأطباء وتمكنوا من إنقاذ الأم وجنينها في حال إصابتها بمرضٍ طارئ أو تعرضت لخطر- فيكون ذلك أبلغ وأفضل لا محالة، لكن إن عجزوا عن ذلك إلا بالاستغناء عن الجنين جاز ذلك مطلقاً.

قتل النفس بلا وجه حق من أعظم الكبائر

ومن مظاهر حفظ الإسلام وحمايته لحق الحياة لكل الأفراد، تحريمه لقتل النفس إلا بوجه حق، فالإسلام منع الاعتداء على النفس البشرية مطلقًا دون وجود مبرر شرعي لهذا الاعتداء، كما لا يجوز تنفيذ حكم القتل لمستحق له أو الاعتداء على أحد من الأفراد إلا بطريق الحاكم الذي وجد لتطبيع أحكام الله في الأرض، ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: “وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ”، وهذا دليل على احترام الشريعة الاسلامية بحق الحياة واهتمامها بكل نفس بشرية مسلمة كانت أو غير مسلمة.

كما جعل الإسلام من يقتل فردًا واحدًا بأي وسيلة كانت وكأنه قتل جميع خلق الله، حيث يقول الله تعالى: “مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً”، ليس ذلك فحسب بل حرم الإسلام كل ما يؤدي إلى إيذاء النفس البشرية حتى ولو كان ذلك الإيذاء بسيطاً، أو كان الإيذاء معنوي فضلاً عن أن يصل الأمر إلى القتل، فالإسلام حرم التهديد بالقتل أيضًا واعتبره من الجرائم العظيمة التي تستوجب العقوبة.

سد الذرائع المفضية للقتل

كما حرم الإسلام جميع الوسائل التي تؤدي للقتل، مثل حمل السلاح أو توجيه السلاح تجاه أحد من الناس مهما كان الهدف من ذلك، كما منع الإسلام الاعتداء على النفس أو الانتحار، وقد وضع الإسلام العقوبات الشرعية، وفيما يلي بعض الأمور التي حرَّمها الإسلام لكونها تُفضي إلى إزهاق الأرواح حتى لو كان ذلك احتمالاً..

نجد أن الإسلام نهى عن توجيه السلاح على أحدٍ من الناس وحرَّمه إلا لسببٍ مشروع؛ وذلك سدًا لذريعة الوصول ولو بطريق الخطأ إلى قتل النفس أو الغير بغير وجه حق، أو حتى مخافة ترويع الناس أو تخويفهم، وحفظاً لأرواح الناس مما ينعكس على ذلك الفعل وينتج عنه إذا ما أودى إلى قتل مسلمٍ أو ترويعه، وقد ورد في ذلك عددٌ من النصوص النبوية، حيث قال النبي -عليه الصلاة والسلام- “مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا”، كما جاء في الحديث الذي يرويه أبو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- يَقُول: قَالَ الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: “مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ”.

نجد أن الإسلام وضع القوانين يلجأ لها الأفراد إذا ارتكب أحد المسلمين لجريمة أفضت إلى قتل مسلمٍ أو غير مسلم، وذلك كأسلوبٍ علاجي من ناحية ووقائي من ناحية أخرى؛ حيث ذلك يُعالج ما في الأنفس تجاه القاتل ويُشقي صدورهم بقتله؛ وهو ما يمنع ظاهرة الانتقام والثأر منه أو من عائلته، وكذلك فإنّ هذا العقاب يُعتبر وقاية للمجتمع؛ حيث يمتنع الناس عن ممارسة القتل فيما بينهم إذا ما رأوا مصير القاتل؛ مما يحد من نسبة الجرائم، ويساهم في ارتقاء المجتمع، قال تعالى: “يا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى”. 

تحريم قتل النفس: نجد أن الإسلام حرم قتل النفس سواء بالانتحار المباشر أو الانتحار بشكل تدريجي كتعاطي ما يؤدي لقتل النفس أو الإضرار بالنفس كالتدخين والمخدرات وغيرها، خاصة وأن حياة البشر هي هبة أعطاها الله لهم وليست ملكصا لهم، ومن الأمانة عليهم حفظها وعدم الاعتداء عليها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِى يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ شَرِبَ سَمّاً فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً مُخَلَّداً فِيهَا أَبَداً”.

نظام العقوبات في الإسلام 

المتأمل للدين الإسلام نجده أن حفظ حياة المسلم بشدة ووضع لها نظام واضح ودقيق، وسن العديد من العقوبات والقوانين لكل من يعتدي على النفس البشرية سواء بالايذاء أو القتل، وهذه العقوبات التي وضعها الإسلام تختلف حسب نوع الإيذاء الذي يلحقه الفرد بالنفس، وقد قسَّم الإسلام الضروريات التي تتعلّق بحياة المسلم الدنيا وأموره المعيشية والدينية إلى خمس ضرويات، وهي:

  • حفظ الإسلام للنفس، حيث نجد أن الإسلام حرم قتل النفس أو إيذائها بأي أنواع الإيذاء سواء الجسدي أو النفسي. 
  • حفظ الإسلام للدين: يحرم الاقتراب من الدين الإسلامي أو الإساءة إليه، كما حرم الإسلام على المسلم أن يسيء لدين مشرك أو ذمي، كما حرم الإساءة مطلقًا للأديان التي جاب بها الله عن طريق الرسل.
  • حفظ الاسلام للمال: حرم الإسلام على الفرد أن يأخذ اموال الآخرين بدون وجه حق، بل حث الإسلام على كسب المال بطرق مشروعة وجعل له ثوابًا كبيرًا.
  • حفظ الإسلام للعقل: كما ذكرنا من قبل أن الإسلام حرم الاعتداء على النفس أو إيذائهان ومن ذلك حرم الفرد أن يعتي على عقله ويشرب المخدرات والكحوليات وغيرها من الأشياء التي تذهب عقل الإنسان. 
  • حفظ النسل: حرم الإسلام أي فرد من أن يعتدي أو ينتهك حرمات أحد أو نسل أحد من الناس سواء بقتل الأجنه أو الزنا وغير ذلك.